رغم خروج مصطلح علمانية من رحم التجربة الغربية، إلا أنه انتقل إلى القاموس العربي الإسلامي، مثيرًا للجدل حول دلالاته وأبعاده، والواقع أن الجدل حول مصطلح "العلمانية" في ترجمته العربية يعد إفرازاً طبيعياً لاختلاف الفكر والممارسة العربية الإسلامية عن السائد في البيئة التي أنتجت هذا المفهوم، لكن ذلك لم يمنع المفكرين العرب من تقديم إسهاماتهم بشأن تعريف
العلمانية الجزئية:
هي رؤية جزئية للواقع لا تتعامل مع الأبعاد الكلية والمعرفية، ومنثم لا تتسم بالشمول، وتذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد وهو ما يُعبر عنه بعبارة "فصل الدين عن الدولة"، ومثل هذه الرؤية الجزئية تلزم الصمت حيال المجالات الأخرى من الحياة، ولا تنكر وجود مطلقات أو كليات أخلاقية أو وجود ميتافيزيقا وما ورائيات، ويمكن تسميتها "العلمانية الأخلاقية" أو "العلمانية الإنسانية".
هي رؤية جزئية للواقع لا تتعامل مع الأبعاد الكلية والمعرفية، ومنثم لا تتسم بالشمول، وتذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد وهو ما يُعبر عنه بعبارة "فصل الدين عن الدولة"، ومثل هذه الرؤية الجزئية تلزم الصمت حيال المجالات الأخرى من الحياة، ولا تنكر وجود مطلقات أو كليات أخلاقية أو وجود ميتافيزيقا وما ورائيات، ويمكن تسميتها "العلمانية الأخلاقية" أو "العلمانية الإنسانية".
العلمانية الشاملة:
رؤية شاملة للواقع تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيم
رؤية شاملة للواقع تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيم
المطلقة والغيبيات بكل مجالات الحياة، ويتفرع عن هذه
الرؤية نظريات ترتكز على البعد المادي للكون وأن المعرفة المادية المصدر الوحيد
للأخلاق وأن الإنسان يغلب عليه الطابع المادي لا الروحي،ويطلق عليها أيضاً
"العلمانية الطبيعية المادية"(نسبة للمادة و الطبيعة).
ويعتبر الفرق بين ما يطلق عليه "العلمانية
الجزئية" وما يسمى "العلمانية الشاملة" هو الفرق بين مراحل تاريخية
لنفس الرؤية، حيث اتسمت العلمانية بمحدوديتها وانحصارها في المجالين الاقتصادي
والسياسي حين كانت هناك بقايا قيم مسيحية إنسانية، ومع التغلغل الشديد للدولة
ومؤسساتها في الحياة اليومية للفرد انفردت الدولة العلمانية بتشكيل رؤية شاملة
لحياة الإنسان بعيدة عن الغيبيات ، واعتبر بعض الباحثين "العلمانية
الشاملة" هي تجلي لما يطلق عليه "هيمنة الدولة على الدين".
وقياسا على ذلك فلقد مرت العلمانية الشاملة بثلاث مراحل
أساسية:
مرحلة التحديث:
حيث اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة
حيث اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة
بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي
الهدف النهائي من الوجود في الكون، و لذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في
الداخل و الاستعمار الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية، و
استندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية و تتبنى العلم و
التكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، و انعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقية و مادية
تدعو بشكل ما لتنميط الحياة، و تآكل المؤسسات الوسيطة مثل الأسرة.
مرحلة الحداثة:
وهي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد
وهي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد
وتعمق أثاره على كافة أصعده الحياة، فلقد واجهت الدولة
القومية تحديات بظهور النزعات الإثنية ، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من
القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من
الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكية
الشرهة.
مرحلة ما بعد الحداثة:
حيث الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه اللذة
حيث الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه اللذة
الخاصة، واتسعت معدلات العولمة لتتضخم مؤسسات الشركات
متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتتحول القضايا العالمية من
الاستعمار والتحرر إلى قضايا البيئة والإيدز وثورة المعلومات، وتضعف المؤسسات
الاجتماعية الوسيطة مثل الأسرة، لتحل محلها تعريفات جديدة للأسرة : رجلان وأطفال-
امرأة وطفل- امرأتان وأطفال…)، كل ذلك مستنداً على خلفية من غياب الثوابت المعايير
الحاكمة لأخلاقيات المجتمع والتطور التكنولوجي الذي يتيح بدائل لم تكن موجودة من
قبل في مجال الهندسية الوراثية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق