انتهاك كرامة الانسان
لا يمكننا طرح مسألة الكرامة الإنسانية بمعزل عن المجتمع
الذي يحيا فيه الإنسان ويعمل فيه، لأن احترام هذه الكرامة أو انتهاكها يعتمد على
قواعد الحياة المشتركة بأي مجتمع. وبالتالي يقع على عاتق السياسة دور هام في
احترام الكرامة الإنسانية والدفاع عنها.
ان كل سلطة أو نظام ،يجب عليه أن يوفر لمواطنه كل ما
يحتاجه ليعيش حياة إنسانية حقيقية كالغذاء والكساء والمسكن.والحق في اختيار الحياة
التي يريدها اختيارا حرا. والحق في أن يؤسس عائلة ويربيها، والحق في العمل
والاحترام والإطلاع الوافي والحق في المحافظة على حياته الخاصة وممارسة حقوقه
الدينية.
وعلاوة على ذلك فإن كل مايضاد الحياة نفسها، كأنواع القتل
والتصفية الجسدية، والمقابر الجماعية، تعتبر وصمة عار كبيرة على جبين أي سلطة أو
نظام يمارسها بحق أبنائه ومواطنيه.
كما أن كل ما يشكل انتهاكا للإنسان بكامله، كقطع الأعضاء،
والبتر، والرجم، وجز الرقاب، والتعذيب الجسدي والمعنوي والضغط النفسي، وكل ما يسيء
إلى كرامة الإنسان كأوضاع الحياة المنحطة والسجن من دون مبرر والسبي والاستعباد من
دون أي اعتبار لشخصيته وحريته ومسؤوليته: إن كل هذه التصرفات والعادات هي في الواقع
شائنة. في حين أنها تفسد حضارة، تلحق العار بالذين يتعاطونها أكثر مما تلحقه
بضحاياها والحق يقال أنه لمن المحزن أن يتأكد لنا أن هذه الحقوق الأساسية، لم
تحترم حتى اليوم في أي مكان.
يزداد السؤال عن الكرامة الإنسانية إلحاحا وأهمية , عندما
نواجه خبرات ومواقف نلمس فيها (حدود) الإنسانية، في حالات الازلال البدني
والمعنوي، وفي حالات الفقر المدقع والبؤس الشديد، وعندما نتساءل عن معنى الكرامة
الإنسانية في هذه الخبرات والمواقف، تعلمنا شيئا جديدا، بل أساسيا عن قيمتها
ومبلغها.
ولعل واحدة من أتعس خبرات الإنسانية هي السجون الممتدة في
أرجاء العالم ويماثلها في البشاعة مخيمات اللاجئين التي تكتظ بالألوف بل بالملايين
من البشر الجياع والمرضى الذين تشردهم الحروب والصراعات .
يؤدي أساس الكرامة الإنسانية العلا قي إلى رفض ماهو غير
مقبول في زمن ومجتمع ما قد يصبح فيهما كل شيء ممكنا ومسموحا.لذا علينا أن نتعلم أن
نرفض ما يجب رفضه، وألا نستسلم للضغوط، لأن ضمير الإنسان يتكون وينضج من خلال
تحديه للشر ومقاومته له.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق