بني ملال 23 نونبر 2012/ مع/ تشكل المعالم الأثرية بجهة تادلة أزيلال إرثا
تاريخيا وثقافيا يتعين حمايته من التلف والاندثار وتأهيله وترميمه من قبل متخصصين
في علم الآثار٬ وتحويله إلى مركز إشعاعي وثقافي واستثماره في التنمية السياحة
القروية بالمنطقة..
وتعتبر الجهة من المناطق المغربية الغنية بالمآثر التاريخية٬ على غرار
مدينة بني ملال العتيقة المسماة بالقصيبة (مدينة داي سابقا) المشيدة فوق الكهوف
وسورها القديم الذي لم يتبق منه سوى ستة أمتار والذي هو في حاجة إلى تدخل الجهات
المعنية من أجل الترميم والصيانة..
ومن بين هاته المآثر المعروفة لدى ساكنة الجهة القصبة الاسماعيلية بمدينة
قصبة تادلة التي بناها المولى اسماعيل٬ والقصبة الزيدانية التي بناها المولى زيدان
السعدي ابن السلطان أحمد المنصور الذهبي لتأمين الطريق السلطانية بين مراكش وفاس ٬
والثكنة العسكرية بالقصيبة٬ وقصر عين أسردون وأسوار وأبراج المراقبة والحراسة التي
بنيت بمختلف مناطق الجهة من أجل حماية التجمعات السكنية من الغزوات وهجمات القبائل
المجاورة وقطاع الطرق.
وفي هذا السياق قال عبد الكريم الجويطي المندوب الجهوي لوزارة الثقافة
ببني ملال إن المآثر التاريخية بالجهة متنوعة بحسب الفترات التاريخية ومتنوعة أيضا
مجاليا ٬ حيث أن هناك مآثر تاريخية بالجبل ومآثر تاريخية في منطقة الدير والسهل.
وأبرز الجويطي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن النقوش الصخرية
تعتبر من أقدم المآثر التاريخية التي اكتشفت بمنطقة تزينتغريست الجبلية والتي تؤرخ
لمرحلة انتقال السكان من الصحراء الكبرى إلى السهول الأطلسية إبان فترة الجفاف
الكبير الذي تحولت فيه الصحراء من غابات استوائية إلى صحراء قاحلة٬ فضلا عن عدة
مخازن جماعية بالجبل والتي تؤرخ لنمط العيش القبلي الرعوي القائم على الترحال..
وتصنف هذه المخازن الجماعية إلى ثلاثة أنماط من المخازن٬ مخازن السفوح
الجبلية مثل مخازن أوجكال ومخازن أولوس٬ فضلا عن مخازن مبنية على شكل قصور٬ مثل
مخازن زاوية أحنصال٬ وأرنكي ٬ ومكداز ٬ومخازن محفورة على شكل مطمورات..
وجدير بالذكر أن المنطقة عرفت حركة عمران بشري منذ أقدم العصور لتوفرها
على الماء والمراعي الخصبة التي تمر بها طريق التجارة العابرة إلى الصحراء ٬ وكذا
الطريق التي تربط بين مراكش وفاس ٬ حيث نشأت مدن مثل "دمنات" وبني ملال
ومدينة فشتالة التي كانت عاصمة الجهة في القرن السادس عشر٬ والتي توجد حاليا بتراب
الجماعة القروية فم العنصر..
وأكد الجويطي أن المآثر التاريخية بجهة تادلة أزيلال غنية ومتنوعة٬ حيث تم
ترميم صومعة وضريح سيدي أحمد بالمدينة القديمة٬ وهي تعتبر من أقدم الصوامع
بالمغرب٬ وترميم العديد من المخازن الجماعية مثل مخازن أوجكال ٬ وكذا ترميم القصبة
الإسماعيلية٬ مشيرا إلى أن المندوبية ستشرع قريبا في ترميم القصبة الزيدانية
بجماعة خلفية مشيخة أولاد عبد الله بإقليم الفقيه بن صالح ٬ وأسوار دمنات بإقليم
أزيلال وقد صنفت قصبة تادلة سنة 1912 كتراث وطني ٬ وصنفت عين اسردون 1947 وأوزود
1943 كتراث طبيعي ٬ فيما صنف زيتون بني ملال قرب عين أسردون كتراث وطني
من جهته أبرز المدير العام لمركز أطلس للأبحاث والدراسات الاستراتيجية
للتنمية٬ عبد الصمد ملاوي٬ في تصريح للوكالة أن الجهة تزخر بالعديد من المآثر
التاريخية كالمساجد والزوايا التي تم بناؤها عبر حقب متفاوتة كل لها تاريخها ٬
منها الزاوية القادرية٬ والكتانية٬ والدرقاوية وزاوية علي بن ابراهيم ٬ وزاوية
سيدي احمد بن قاسم الصومعي٬ مشيرا إلى أن هناك مآثر تاريخية ذات طابع اقتصادي
واجتماعي منها عين أسردون ٬ وعين أشراح ٬ وعين تاغبالوت بجماعة القصيبة٬ وعين تامدة
بزاوية الشيخ٬ وعيون وقنطرة إمينإفري بدمنات٬ وشلالات أزود بإقليم أزيلال وشلالات
سيدي عيسى.
ويؤكد الباحث عبد العزيز رحمي أنه بالرغم من هذا الكم الكبير من المآثر
التاريخية التي تزخر به المنطقة ٬ فانه يلاحظ عدم الاهتمام بهذه الثروة٬ مشيرا إلى
أن هناك مجموعة من المباني والأطلال بالمنطقة في حاجة إلى جردها والتعريف بها عبر
دراسات أركيولوجية لتثمين أهميتها عبر إبراز مقوماتها ووضع قوانين لحمايتها وعقد
شراكات مع المتدخلين في المجال من أجل صيانتها وترميمها وإعطائها القيمة الحضارية
الحقيقية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق