الأربعاء، 12 فبراير 2014

الدولة و نظامها عند أرسطو

الدولة و نظامها عند أرسطو

نشأة الدولة عند أرسطو

على الرغم من أن أرسطو كان تلميذ أفلاطون النجيب إلى أنه أختلف معه في أسباب نشأة الدول حيث أرجعها أفلاطون إلى حاجة الأفراد إلى إشباع رغبات مادية من خلال التجمع مع بعضهم البعض ليشكلوا الدولة وهي وحدة مثالية  مجردة ليس للأفراد فيها وجود مستقل أما أرسطو فأرجع نشأة الدولة إلى الأسرة التي تمثل الوحدة الإجتماعية الأولى،وبالإعتماد على التطور التاريخي بدءا من كون الإنسان كائن إجتماعي  يجتمع مع المرأة وينتج النسل الذي يكون الأسرة ومنها العائلة ثم العشيرة والقبيلة ومنها إلى قرية فتكبر وتشكل الدولة و هذا هو تفسير نظرية التطور العائلي وليس نظرية العقد الإجتماعي حيث لا يوجد عقد في نظرية التطور العائلي بل هو شيء  طبيعي من حيث التطور والإرتقاء، ويعتمد أرسطو في ذلك على أن الإنسان كائن سياسي حيث أنه يملك العقل الذي يساعده في التفكير وهذا مايميزه عن غيره من الكائنات التي يشترك معها في الغريزة  و التكاثر,ونستنتج من ذلك فإن الدولة أسمى من الفرد والعائلة وأن الإنسان هو أول الحيونات وسيدها وذلك بإتباع القوانين التي من خلال الإلتزام بها يحقق الفضيلة والعدالة أما من دون القونين فيصبح الإنسان آخر الكائنات بل وأكثر فسادا وإفتراسا .
ويتفق أرسطو و أفلا طون من حيث أن هدف الدولة هو التربية الخلقية للصغار وتعليم الفضيلة و إشاعة العلم وتوفير حياة كريمة وجيدة للمواطنين وذلك من خلال العدل في المجتمع  ويكون ذلك في حالة السلم أما حالات العدوان و الحروب والإحتلال لقيام الدول إستنكرها وإستهجنها ولكنه أباح ذلك لليونانيون الذين كان يعتبرهم  هم الوحدون الأسياد الذين لهم الحق في السيطرة والتملك أما البقية من غير الونانيون فهم عبيد لايحق لهم شيء فهم كالدواب لاعقل لهم وعليهم الطاعة والخضوع للأوامر ولا فضيلة لهم وإن تحل البعض منهم بصفات حميدة  فيكون مصدر ذلك روح أسيادهم .
وقد رأى أرسطو أن رب العائلة سواء كان زوجا أو أبا أو سيدا أو مالكا هو الذي يأمر دون المرأة وكلما كان الشخص أكبر وأكمل فإنه  يأمر الأصغر والأنقص وهو بذلك يخالف أستاذه أفلاطون الذي دعا إلى المساوة بين الرجل والمرأة في المجال السياسي و العسكري أما أرسطو رأى أن الرجال قوامون على النساء وأن الرجل يجب أن يعامل زوجته كما يعامل القاضي المواطنين في الحكومة الجمهورية وأن يعامل أولاده  كم يعامل القاضي المواطنين في الحكومة الملكية من خلال المحبة والإحترام،وأرجع أرسطو أن الإختلاف بين الرجل والمرأة وبين السيد والعبد في أنه طبيعي حيث أنه يولد البعض حرا والبعض الآخر مسخر للطاعة فتنشأ من ذلك الطبقية .
نظام الدولة لدى أرسطو
كان أرسطو كغيره من فلاسفة اليونان يعتقد أن النظام السليم والراقي يتحقق من خلال دولة المدينة التي يجب أن تتوفر على العناصر التالية حتى تحقق المطلوب منها 1-توفير كافة المواد الغذائية 2-توفر أدوات وآلات الفنون 3-توفير السلاح والعتاد العسكري للدفاع 4- وجود إحتياطات من الثروات والعناصر المختلفة للحالات الطارئة في الحروب 5-وجود العنصر الديني من خلال الكهنة 6-وجود مرافق عامة 7-وجود رجال للقضاة.
ويجب أن يكون للمدينة موقع إستراتيجي  من حيث أن يكون ملائما للصحة على أن يستقبل أشعة الشمس من الشرق ويكون له منفذ على الجنوب لأن برده أيسر وأن تكون المدينة منظمة من الداخل حتى يؤدي السكان وظائفهم بسهولة وأن تكون محصنة ومحمية من الإعتداءات الخاريجية و يجب العمل على تطوير وسائل الدفاع بإستمرار ويشترط أن لا تكون المدينة كبيرة وعدد سكانها كبير بحيث يصعب تنظيمها وأن لاتكون صغيرة وعدد سكانها قليل فلا يمكن لها عند ذلك أداء مهامها وواجباتها بل يجب أن تكون متوسطة وأن يكون هناك تناسب بين مساحتها وسكانها حتى يعرف السكان بعضهم من خلال الصدقات والأخوة وأيضا حتى لايختل نظامها ،وللمحافظة على عدد سكان أي مدينة من التزايد كان الإغريق يعتمدون على تحديد النسل من خلال الإجهاض وإعدام المشوهين والضعاف من الأطفال .
وكان يرى أرسطو أن نظام دولة المدينة هو أرقى النظم السياسية لأنه يحقق السعادة للمواطنين وآمالهم وطموحاتهم أما نظام الإمبراطوريات نظام فاسد لأنه يضم وحدات وعناصر متجانسة لايجمعها مبدأ أو هدف واحد ، و من خلال دولة المدينة أيدا أرسطو نظام التمييز القانوني والإجتماعي الذي كان سائدا عند الإغريق في وقته فكان هناك أجانب ومواطنين فالأجانب لا يشاركون في الحياة السياسية ولا يملكون حق المواطنة أما المواطنين فكان عددهم محدود ولكي يشاركوا في العملية السياسية وجب توفر فيهم الشروط التالية:
1-أن يكونوا ذكور بلغوا سنا معينا وليسو من الإناث، وكان السن عامل مهم حيث كبار السن يتولون الحكم والشباب يطيعوا حتى ينضجوا.
2-أن يحملوا الجنسية الأثينية بحيث يكونوا من أبويين وجدين من أثينا.
3-أن يكون المواطن حرا وليس عبدا لأن العبيد مسخرين لفلاحة الأرض.
4-أن يكون المواطن من أصحاب الأملاك بحيث يكون في سعة من العيش لايحتاج من خلالها للعمل اليدوي ويتفرغ للعلم والفضيلة ومن جهة أخرى أن لايملك كثير من المال بحيث يلهيه عن الواجب العام، و لهذا لم يكن التجار والصناع من المواطنين.


ليست هناك تعليقات:

مرض السُّل

مرض السُّل: ويوجد نوعين لمرض السُّل، وهما: السُّل النشيط ، والسل الخفي . وهو من أكثر الأمراض عدوى ، ويمكن التعافي والشفاء من هذا المرض...