أولاً: تعريف لفظ (الصحابي) لغة:
الصحابي: نسبة إلى صاحب،
وله معانٍ عدة تدور في جملتها حول الملازمة والانقياد([1]).
وقبل بيان بعض استخدامات الصحبة في اللغة، ينبغي التنبه
إلى أن بعض هذه الاستخدامات لا تندرج ضمن التعريفات الاصطلاحية، إذ هي وفق التعريف
اللغوي غير مقيدة بقيود منضبطة وفق ما سنعرفه، لذا وجب أن أسوق جملة من معاني
الصحبة اللغوية للاحتراز عند إطلاق هذه الكلمة، ومنها:
1- الصحبة المجازية: وهي التي تطلق على اثنين بينهما وصف مشترك، وقد يكون بينهما أمد بعيد،
كقول النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى زوجاته: (إنكن صواحب يوسف)([2]).
2- الصحبة الإضافية: وهي التي تضاف للشيء لوجود متعلق به، كما يقال: (صاحب مال، صاحب
علم... إلخ).
3- صحبة القائم بالمسئولية: وهذا كما في قوله تعالى:
((وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ
النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً))
[سورة المدثر:آية31].
4- صحبة اللقيا: تطلق الصحبة على التلاقي الذي يقع بين اثنين، ولو لمرة واحدة لسبب
ما، ثم ينقطع.
وهذا كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر...)([3]) الحديث، فسمى
المشتري (صاحباً) مع أن اللقيا وقعت مرة واحدة مع البائع حين يشتري منه السلع.
5- صحبة المجاورة: وهي التي تطلق على المؤمن والكافر والعكس، وهو مصداق ما جاء في قوله
تعالى:
((قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ
يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ
ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً))
[سورة الكهف:آية37].
وكما في قوله تعالى:
((فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ
يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً))
[سورة الكهف:آية34].
ويجوز أن تطلق الصحبة على من لا يعرف صاحبه ولم يلتق به
يومـاً، كما قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه للغلامين من الأنصار اللذين كانا
يبحثان عن أبي جهل في غزوة بدر يريدان قتله بسبب سبه للنبي صلى الله عليه وسلم،
فقال لهما: (هذا صاحبكما الذي تسألان عنه)([4]).
ووفق ما سبق ذكره فاستخدام مدلول الصحبة اللغوية لا يعمم،
إذ لو كان (الصحابي) يُعرّف بالصحبة اللغوية وفق الاستخدامات التي مرت، لكنّا نحن
جميعـاً في عداد الصحابة, ولكان اليهود والمنافقون والنصارى والمشركون الذين لقوا
النبي صلى الله عليه وسلم كذلك من باب أولى، إذ لا يشترط في اللغة للفظ المصاحبة
اللقاء المستمر أو الإيمان بالله والموت على ذلك.
ثانياً: تعريف الصحابي اصطلاحاً:
تعددت العبارات الموضحة لتعريف الصحابي اصطلاحاً، وكان من
أدقها وأوضحها وأشملها بياناً هو: (من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به
ومات على الإسلام)([6]).
قال الشهيد الثاني: (الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه
وسلم مؤمنـاً به، ومات على الإسلام، وإن تخللت ردته بين لقيّه مؤمنا به، وبين موته
مسلماً على الأظهر، والمراد باللقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما
إلى الآخر, وإن لم يكالمه ولم يره)([7]).
ولتوضيح التعريف السابق :
* (من لقي النبي صلى الله عليه
وسلم) أي: في حياته، سواء نظر إليه، أو من لم يستطع النظر إليه كعبد الله بن أم
مكتوم؛ فإنه كان أعمى ولقي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره.
وأما من أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ورآه قبل
دفنه فلا يعد صحابياً.
* (مؤمناً به) أي: يشترط الإيمان
بالنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به، فمن لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو على
الكفر من أهل الكتاب والمنافقين وغيرهم، سواء أسلم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه
وسلم أو لم يسلم فلا صحبة له.
* (مات على الإسلام) أي: أن من مات
على الردة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقال عنه: إنه صحابي، ولا كرامة
له.
ثالثاً :من كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن
أصحابه
قوله عليه الصلاة والسلام - كما في الصحيحين- :( خير
الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ،
وقوله: ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم
أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) أخرجاه في الصحيحين
وقوله: ( الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن
أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني
فقد آذى الله ، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه )رواه الترمذي .
وروى الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من فر
بدينه من أرض إلى أرض، وإن كان شبراً من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم
ومحمد صلى الله عليه وسلم).
بحار الأنوار: (19/31)، مجموعة ورام: (1/33)، تفسير
الصافي: (1/490)، تفسير نور الثقلين: (1/541).
وفي الخبر عن كعب بن عجرة: (إن المهاجرين والأنصار وبني
هاشم اختصموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أينا أولى به وأحب إليه، فقال صلى
الله عليه وسلم: أما أنتم يا معشر الأنصار فإنما أنا أخوكم، فقالوا: الله أكبر!
ذهبنا به ورب الكعبة! قال صلى الله عليه وسلم: وأما أنتم معشر المهاجرين فإنما أنا
منكم، فقالوا: الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة! قال صلى الله عليه وسلم: وأما أنتم
يا بني هاشم فأنتم مني وإلي. فقمنا وكلنا راض مغتبط برسول الله صلى الله عليه
وسلم).
المناقب: (3/331)، بحار الأنوار: (22/312).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق