التسامح
- مفهوم
التسامح:
نصت الديانة الإسلامية والقوانين الوضعية على مبدإ
التسامح، باعتباره أساس تحقيق التعايش والسلم العالمي بين الشعوب رغم اختلاف
ثقافاتها ودياناتها وأعراقها، دون أن يؤدي ذلك إلى تنازل البعض عن حقوقه ومقدساته،
أو شعور البعض بتفوقه العرقي كما يفعل الصهاينة بفلسطين.
* التسامح الديني : وهو التعايش
بين الأديان، بمعنى حرية ممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني
والميزالعنصري.
*التسامح الفكري : آداب الحوار
والتخاطب وعدم التعصب للأفكار الشخصية والحق في الإبداع والاجتهاد.
* التسامح الديني : إن المسلم
يؤمن بجميع ما أنزل الله تعالى من كتاب، وما أتى بعض رسله من صحف، وأنها كلام الله
أوحاه إلى
رسله ليبلغوا عنه شرعه ودينه، وأن هده الكتب الأربعة
هي : القرآن الكريم، التوراة، الزبور، الإنجيل.
ويشهد التاريخ بالنزعة الإنسانية للإسلام، وبالتسامح
الذي ربط علاقات المسلمين بباقي أهل الديانات الأخرى، حيث دعا القرآن إلى مجادلة
كل هؤلاء بالتي هي أحسن ومحاولة إقناعهم بالحكمة والموعظة الحسنة يقول الله تعالى:
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن. إن ربك هو
أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين". سورة النحل الآية 125. وبهذا
المنهج الرباني قام الإسلام على مبدأ عدم الإكراه قال تعالى : " لا إكراه في
الدين "سورة البقرة الآية 256. وهذا عمر بن الخطاب يطبق ما رسمه الله تعالى
للدعاة حين دخل بيت المقدس فأعطى الأمان لسكانها من النصارى " أن لا تسكن
مساكنهم ولا تهدم ولا ينقص من أموالهم شيء ولا يكرهون على دينهم"
أسس التسامح في الإسلام
1-لقد رسَّخ الإسلام تحت عنوان
التسامح أشياءَ كثيرة، فلقد رسَّخ في قلوب المسلمين أنَّ الديانات السماوية تستقي
من مَعينٍ واحد، من أجل التسامح، فقال القرآن الكريم : ( شرع لكم منَ الدِّين ما
وصَّى به نوحا ًوالذي أوحينا إليك وما وصَّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أنْ أقيموا
الدِّين ولا تتفرقوا فيه ) .
2- رسَّخ الإسلام من أجل التسامح
في قلوب المسلمين أنَّ الأنبياء إخوة، لا تفاضلَ بينهم مِنْ حيث الرسالة، ومن حيث
الإيمان بهم، فقال القرآن الكريم : ( قولوا آمنَّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل
إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحَق ويعقوب والأسباط وما أوتيَ موسى وعيسى وما أوتيَ
النبيون مِنْ قبلهم لا نفرِّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون ) . لا نفرِّق بين
أحدٍ منهم، لا نفرِّق على الإطلاق، فالكلُّ في نظرنا أنبياء، ونحن له مسلمون.
3- لقد رسَّخ الإسلام تحت قنطرة
التسامح أنْ لا إكراه في الدين، فالعقيدة ينبغي أنْ يستقبلها القلب والعقل بشكلٍ
واضح، وبشكل جليٍّ :
( لا إكراه في الدِّين قد
تبيَّنَ الرُّشد منَ الغَيِّ فمَنْ يكفر بالطاغوت ويؤمنْ بالله فقد استمسكَ
بالعروة الوثقى لا انفصام لها ) .
4- لقد رسَّخ الإسلام من أجل
التسامح أنَّ أمكنة العبادات على اختلافها محترمةٌ في نظر المسلمين، فها هو القرآن
يقول: ( ولولا دفعُ الله الناسَ بعضهم ببعض لهدِّمتْ صوامعُ وبِـيَعٌ وصلواتٌ
ومساجدُ يذكَر فيها اسـم الله كثيرا ) .
5-لقد رسَّخ الإسلام من أجل
التسامح أنَّ هؤلاء المسلمين ينبغي أنْ ينظروا إلى غيرهم على أنَّهم بشر،
يجادلونهم بالتي هي أحسن، فقال القرآن الكريم: ( ولا تجادلوا أهلَ الكتاب إلا
بالتي هي أحسن)
6- لقد رسَّخ الإسلام في قلوب
المسلمين من أجل التسامح البِر بأهل الكتاب، وحُسْنَ الضيافة لهم، فها هو القرآن
يقول للمسلمين : ( وطعام الذين أوتوا الكتابَ حلٌّ لكم ، وطعامكم حلٌّ لهم ... ) .
7-لقد رسَّخ الإسلام في قلوب
المسلمين أنْ لا عداوة بين المسلمين وبين غيرهم، لمجرَّد كونِهم غير مسلمين، وتركَ
الأمر ليوم القيامة، اللهمَّ إلا إذا اعتدى هؤلاء على المسلمين، إلا إذا وقف هؤلاء
في طريق دعوة المسلمين حجرَ عثرة، عند ذلك قال القرآن الكريم : ( وقالت اليهود
ليست النَّصارى على شيءٍ، وقالت النَّصارى ليست اليهود على شيءٍ، وهم يتلون
الكتاب، كذلك قال الذين لا يعلمون مثلَ قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما
كانوا فيه يختلفون ) .
لقد رسَّخ الإسلام في قلوب المسلمين كلَّ هذه الأسس
ليحدِّد التسامح المطلوب مِنْ إنسانٍ يعيش على وجه هذه البسيطة، وليمارس هذا
التسامح ممارسةً رائعة، تنبثق من إنسانٍ بعث ليؤكِّد للناس إنسانيته الرائعة
شواهد من التاريخ الإسلامي على تسامح الرسول صلى
الله عليه وسلم
* إنَّ المصطفى صلى الله عليه
وآله وسلم استقبل وفد نصارى الحبشة، وأكرمهم بنفسه وقال : " إنَّهم كانوا
لأصحابنا مكرمين، فأحبُّ أنْ أكرمهم بنفسي " .
* و كمثال أيضا على التسامح في
حياة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، ذلكم الرجل المشرك مُطعِم بن عدي، الذي
قدَّم مساعدة للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم يوم دخل النبيُّ (ص) في حِماه،
حينما عاد من الطائف، دخل في حماه إلى مكة،ثمَّ ذهبت الأيام، وتوالت، وإذ بمطعم
يموت كافرا ً، أما وأنَّه قدَّم خدمة للنبيِّ (ص) فقد وقف حسان الشاعر المسلم رضي
الله عنه، فرثاه فقال قصيدته التي أوَّلها :
فلو أنَّ دهراً أخلدَ مجدَه اليوم واحداً لأخلدَ
الدَّهرُ مجدَه اليوم مطعما،ًفبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
* إنَّ التسامح ملحوظٌ يوم جاءت
فاطمة، وهي صغيرة السِّنِّ رضي الله عنها وأرضاها إلى أبيها صلى الله عليه وآله
وسلم ، تشتكي لطـْمَ أبي جهلٍ لها - لطمها أبو جهل - فقال لها المصطفى صلى الله
عليه وآله وسلم : " اذهبي إلى أبي سفيان واشتكي له " وذهبت إلى أبي
سفيان، وقالت له القصة، فأخذها أبو سفيان وكان مشركاً، وقال لها :الطمي أبا جهلٍ
كما لطمك ، فلطمته وعادت، فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فرفع يديه
إلى السماء وقال : " اللهمَّ لا تنسها لأبي سفيان " . يقول ابن عباس :
فما أظنُّ أنَّ إسلام أبي سفيان إلا استجابةً لدعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
هذه .
* روي أن الرسول ص كان يحضر
ولائم أهل الكتاب ويشيع جنائزهم ، ويعود مرضاهم ، ويزورهم ،ويكرمهم حتى روي أنه
لما زاره وفد نصارى نجران فرش لهم عبائته ، ودعاهم إلى الجلوس.
شهادة بعض علماء الغرب عن التسامح في الاسلام
وقد شهد كثير من المسيحيين واليهود بتسامح الإسلام قال
السيد توماس أرنولد في كتابه " الدعوة إلى الإسلام" : " لقد عامل
المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم مند القرن الأول للهجرة، واستمر
هدا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي
اعتنقت الإسلام إنما اعتنقته عن اختيار وإرادة وحرية، وأن العرب المسيحيين الذين
يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد عل هذا التسامح". وهذا درس عملي
لما ينبغي أن يكون عليه التسامح الديني الذي يجب أن ينبع بنفس النهج الذي سلكه
السلف الصالح، وأن ينطلق من موقف القوة والاعتزاز لا من موقف الضعف والاستسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق