الأربعاء، 12 فبراير 2014

التعديل الوراثي


التعديل الوراثي


إن الثورة العلمية التي نشهدها اليوم لم يسبق لها مثيل حيث أن اتحاد الثورة الرقمية (0101) والشفرة الوراثية ACGT)) فتحت وستفتح آفاقا جديدة وأبوابا عديدة لحل الكثير من المعضلات المتعلقة بالتغذية والأدوية , فهل سنكون عند مستوى التحديات التي تواجه شعوبنا طالما أن الموارد المالية مع قلتها موجودة ؟ ويجب أن لا ننسى أن التقانة الحيوية أنتجت منذ 25 سنة ما لا يقل عن 1233 مادة جديدة, 11 منها فقط أنتجت خصيصا للمناطق الفقيرة في العالم بينما أكثر من نصفها موجه للحيوان في البلدان المتقدمة (SERAGELDINE 2002) , إن الأمر غني عن أي تعليق لا سيما وأن الكثير من تلك المواد أنتجت باستعمال الكثير من مواردنا الوراثية المنهوبة وفي كثير من الأحيان بتخطيط من علماء أمتنا. إذاً فإلى متى سنظل ننتظر وننتظر من الآخرين حل مشاكلنا ؟
ما علينا إلا ان نفكـر فـي الاستفادة مـن هـذه التقانات الجديدة واستعمالها بعقلانيـة كأداة تنمية مستدامة حفاظا على مواردنا الجينية وتحسينا لمنتجاتنا الزراعية , إن الآفاق واسعة والأبواب ما تزال مفتوحة أمامنا, ومـن يدري لعلهم يقولون لنا يـوما إن هذا النوع مـن التقانـة محظور عليكم لأنه يهـدد أمنهم ومصالحهم الاقتصاديـة . علينا بولوج هـذا الفضاء وعلينا أيضا أن نكـون أخلاقيين تجاه بيئاتنا ومجتمعاتنا متخذين كل أسباب الأمان حتى لا نجازف بوجودنا وكذا الأجيال التي من بعدنا.
3- الفوائد والمبررات :
إن الرهانات الاقتصادية للمنتجات المحورة وراثيا كبيرة, حيث تخص بالدرجة الأولى راحة الإنسان ورفاهيته, مما يجعل الكثير من الآمال معلقة عليها خلال هذه الألفية لحل مشاكل الإنسانية من جوع وفقر . لهذا فان عدة شركات عالمية تستثمر الكثير من رؤوس أموالها في هذا المجال وليس ذلك صدفة لأنها تعلم أن الربح مضمون وأن الذي يضمن غذاء الإنسانية دواءها سيتحكم في مصيرها لا محالة . لذا فان مبـررات المنتجات المحـورة عديـدة ومتشعبة سنذكر هنا الأهم منها.
الدقة في التحسين الوراثي :
الطرق التقليدية المنتهجة في التحسين الوراثي ثقيلة و طويلة الأمد وينقصها الكثير من الدقة للوصول إلى الخصائص الوراثية المرغوبة ، وفي معظم الأحيان قد يستحيل ذلك خاصة إذا تعلق الأمر بأصناف نباتية أو حيوانية لا تربطها علاقة توافق وراثي وهذا رغم استعمال أعداد هائلة من النسل الناتج من برامج التّصالب ورغم طول المدة اللازمة لعملية الانتقاء.
أما التحوير الوراثي فانه يمتاز بدقته العالية في الكشف عن المورثات المسئولة عن الخاصية المرغوبة ثم استنساخها فنقلها بعد ذلك الى الصنف المراد تحسينه. وهنا يجب التذكير بان الشفرة الو راثية موحدة لدى كل الكائنات الحية (عدا بعض الاستثناءات القليلة) وهو ما يمكن من كسر كل الحواجز الوراثية بين الأحياء فيسهل نقل أي مورث من صنف إلى آخر, من نوع إلى آخر من عالم النبات إلى عالم الحيوان أو العكس, من الكائنات المجهرية إلى النباتات الخ... وهكذا فان كل مورث ذي أهمية يمكن عزله, استنساخه, حفظه و نقله إلى كائن آخر متى استوجب الأمر ذلك لتحسينه بدقة عالية وكسب وقت, وهكذا فانه يمكن أيضا إضافة خاصية جديدة لأصناف لم تكن تحملها من قبل وهو ما ينطبق على كل الكائنات الحية.
* المردودية الاقتصادية :
إن أساس تطور المنتجات المحورة وراثيا هو المردود الاقتصادي العالي وهو المبرر الأول وإلاّ فكيف يمكــن تفسير اهتمــام الشركات العالمية الكبرى (Monsanto, Pioneer, Novartis Rhone Poulenc, ) بهذا الفرع الاقتصادي المهم والذي ما تزال تستثمر فيه أموالا خيالية , ثم لا يجب أن ننسى أن أغلب تلك الشركات كانت في يوم ما وربما ما تزال تنشط في مجال الصناعات الكيماوية ( إنتاج المبيدات),والآن البعض منها لا يكتفي بإنتاج أصناف محورة وراثيا بل وينتج المبيد الذي من أجله وجدت, فيصبح ربحها ربحين. ومن الأدلة الأخرى التي تبين أن المبرر الاقتصادي كبير الأهمية في مجال التحوير الوراثي هو تسابقها المستمر, وخاصة في أمريكا لشراء كل براءات الاختراع حتى وإن كانت غير أخلاقية في بعض الأحيان (سنعود إلى ذلك في موضع اخر) كالأصناف المعقمة مسبقا فلا يمكن استخدامها إلاّمرة واحدة من طرف المزارعين (Terminator technology) . هكذا يبدو واضحا كل الوضوح أن الهدف الوحيد لدى تلك الشركات هو المنفعة الاقتصادية بل ابعد من ذلك : كالسيطرة على السوق العالمية للبذور, المنتجات الزراعية وحتى الصيدلانية.
* الفوائد العلمية :
تعتبر علوم الوراثة والكيمياء العضوية, و أخيرا علم الوراثة الجزيئي الأسس النظرية للتحوير الوراثي. فكل هذه العلوم يسّرت للعلماء فكّ و فهم الكثير من ألغاز الكائنات الحية خاصة فيما يتعلق بوظائفها الحيوية, وذلك بفضل الطفرات الموجهة والتي تمكن من استنتاج المورثات والخصائص المتعلقة بها و كذا أثرها على النمط الظاهري لكل مورث. فبفضل علم الوراثة الجزيئي والتحوير الوراثي تم اكتشاف محتوى التركيبة الوراثية للإنسان وكذا للعديد من النباتات لا شك أن كل ذلك سوف يشكل تحولاً هاما في التعامل مع العديد من الخصائص والعوامل في المستقبل.
* المحافظة على البيئة :
لا شك و أن الأحياء المحورة وراثيا قد تساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الحد من تلوث البيئة بل و حتى تخليصها منه وإن لم يكن في البداية ذلك هو المراد من تلك الأحياء . ففي الزراعة مثلا : استعمال أصناف مقاومة للأوبئة و الحشرات (حماية وراثية للنباتات) خاصة سيشكل حلا جذريا للحد من تلويث المحيط, من تربة وماء وهواء , بالحد من استعمال المبيدات بشتى أنواعها .
كما يمكن تحوير أنواع أخرى من النبات لجعلها قادرة على تخليص الأماكن الملوثة من المعادن الثقيلة إلى غير ذلك وأيضا يمكن تكوين نباتات منتجة لمواد بديلة ومتحللة عضويا (بلاستك عضوي, زيوت عضوية رفيعة القيمة, وقود للمحركات..) للكثير من المواد الملوثة المستعملة حاليا و ذلك ما يسمى بالجيل الثالث من الأجسام المحورة وراثيا. ويمكن من جهة أخرى تكوين نباتات أكثر ملائمة للصناعات التحويلية باستعمال كميات أقل من المواد الملوثة التي تدخل في هذه الصناعات كصناعة الورق والنسيج الخ.. هكذا نرى بأن التحوير الوراثي لا يخدم تطور الإنسانية فحسب, بل ويساهم في تحسين البيئة المحيطة به إذا ما استعمل استعمالا عقلانيا.


ليست هناك تعليقات:

مرض السُّل

مرض السُّل: ويوجد نوعين لمرض السُّل، وهما: السُّل النشيط ، والسل الخفي . وهو من أكثر الأمراض عدوى ، ويمكن التعافي والشفاء من هذا المرض...